الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **
3657 - (حافظ) من المحافظة مفاعلة من الحفظ وهو رعاية العمل علماً وهيئة ووقتاً وإقامة بجميع ما يحصل به أصله ويتم به عمله وينتهي إليه كماله وأشار إلى كمال الاستعداد لذلك بإرادة الاستعلاء فقال (على العصرين) فجمع وعرف ليعم جميع كيفياتهما أي افعل في حفظهما فعل من يناظر آخر فإنه لا مندوحة بينهما في حال من الأحوال وهذا الحديث له تتمة وهو قول الصحابي قلت: يا رسول اللّه وما العصران؟ قال: صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها. قال الزمخشري: سماهما بالعصرين وهما الغداة والعشي، ولقد أحسن القائل: أماطله العصرين حتى يملني * ويرضى بنصف الدين والأنف وقال الأكمل: هذا من باب التغليب غلب العصر على الفجر لأن رعاية العصر أشد من حيث الإشتغال بمصالحهم وقال الخطابي: غلب العصر على الفجر لزيادة فضلها لأنها الوسطى والغالب في التغليب رعاية الأشرف وتعقبه المحقق العراقي بأنه لا حاجة لادعاء التغليب لقول الصحاح العصران الغداة والعشي فالصلاتان واقعتان في نفس العصرين وخصهما بالأمر لأن وقتها مظنة للإشتغال عنهما. - (د ك هق) في المناقب (عن فضالة الليثي) الزهراني صحابي اسم أبيه عبد اللّه أو وهب قال: كان فيما علمني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن قال لي ذلك. 3658 - (حامل القرآن) أي حافظه المواظب على تلاوته (موقى) بالقاف مبنياً للمفعول أي محفوظ من النار أي من كل شر وبلاء مصان من الأذى فمن أراده بسوء مقت وخذل والعاقبة للمتقين وفي رواية يوقى بياء أوله. - (فر عن عثمان) ابن عفان ورواه عنه من طريقين وفيه حمد بن راشد المكحولي قال النسائي: ليس بقوي. 3659 - (حامل كتاب اللّه تعالى) أي حافظ القرآن (له في بيت المسلمين في كل سنة مائتا دينار) أي يستحق فيه ذلك القدر أي إن كان لائقاً بمؤونته ومؤونة ممونه وإلا زيد أو نقص بقدر الحاجة والمصلحة كما دلّ عليه نصوص أخر ثم ظاهر صنيع المصنف أن ذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الديلمي فإن مات وعليه دين قضى اللّه عزّ وجلّ ذلك الدين اهـ بلفظه فإتيان المصنف ببعض الحديث وحذفه بعضاً من سوء التصرف وإن جاز. - (فر) وكذا العقيلي (عن سليك) بن عمرو وقيل ابن هدية الذي جاء والنبي يخطب (الغطفاني) بفتح الغين المعجمة والطاء المهملة والفاء [ص 368] نسبة إلى غطفان قبيلة كبيرة من قيس عيلان وفيه العباس بن الضحاك قال الذهبي في الضعفاء والمتروكين: قال ابن حبان: دجال كذاب ومقاتل بن سليمان قال الذهبي في الضعفاء والمتروكين: قال ابن حبان: كذبه وكيع وغيره ومن ثم حكم ابن الجوزي بوضعه وأقره عليه المؤلف. 3660 - (حامل القرآن حامل راية الإسلام) استعارة فإنه لما كان حاملاً للحجة المظهرة للإسلام وقمع الكفار كان كحامل الراية في حربهم قال الغزالي: فلا ينبغي أن يلهو مع من يلهو ولا يسهو مع من يسهو ولا يلغو مع من يلغو تعظيماً لحق القرآن واشتغالاً برفع راية الإيمان (من أكرمه فقد أكرم اللّه ومن أهانه) من حيث أنه حامله (فعليه لعنة اللّه) أي الطرد والبعد عن رحمة اللّه وهذا في قارئ عمل على أنه مظهر لنطق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعلمه وسننه وأخلاقه وعشرته وصار للناس قدوة في مفروضات الدين وأسوة في مسنوناته وكمالاته ونور هدي في علمه غير قاصدين علواً ولا معاشاً ذكره الحرالي. - (فر عن أبي أمامة) وفيه محمد بن يونس قال الذهبي في الضعفاء: قال ابن عدي: اتهم بالوضع وعبد اللّه بن داود قال الذهبي: ضعفوه وأبو بكر بن عياش قال الذهبي: ضعفه ابن نمير وهو ثقة ونور بن يزيد قال الذهبي: ثقة مشهور بالقدر. 3661 - (حاملات) يعني النساء (والدات مرضعات رحيمات بأولادهنّ) أي لا يزلن كذلك فهن خيرات مباركات (لولا ما يأتين إلى أزواجهن) أي من كفران العشرة ونحوه (دخل مصلياتهن الجنة) في إفهامه أن غير مصلياتهن لا يدخلنها وهو وارد على منهج الزجر والتهويل والتخويف وإلا فكل من مات على الإسلام لا بد أن يدخلها أو لا يدخلنها حتى يطهرن بالنار إن لم يعف عنهن وسبب الحديث أن النساء ذكرن عنده فذكره. - (حم ه طب ك) وصححه (عن أبي أمامة) ظاهر صنيع المصنف أن كلاً من مخرجيه رواه كله وليس بصواب فابن ماجه والحاكم إنما رواه كما قال الحافظ العراقي دون قوله مرضعات وهي عند الطبراني في الصغير. 3662 - (حب الدنيا رأس كل خطيئة) بشاهد التجربة والمشاهدة فإن حبها يدعو إلى كل خطيئة ظاهرة وباطنة سيما خطيئة يتوقف تحصيلها عليها فيسكر عاشقها حبها عن علمه بتلك الخطيئة وقبحها وعن كراهتها واجتنابها، وحبها يوقع في الشبهات ثم في المكروه ثم في المحرم وطالما أوقع في الكفر بل جميع الأمم المكذبة لأنبيائهم إنما حملهم على كفرهم حب الدنيا فإن الرسل لما نهوا عن المعاصي التي كانوا يلتمسون بها حب الدنيا حملهم على حبها تكذيبهم فكل خطيئة في العالم أصلها حب الدنيا ولا تنسى خطيئة الأبوين فإن سببها حب الخلود في الدنيا ولا تنسى خطيئة إبليس فإن سببها حب الرياسة التي هي شر من حب الدنيا وكفر فرعون وهامان وجنودهما فحبها هو الذي عمر النار بأهلها وبغضها هو الذي عمر الجنة بأهلها ومن ثم قيل الدنيا خمر الشيطان فمن شرب منها لم يفق من سكرتها إلا في عسكر الموتى خاسراً نادماً. قال الغزالي: قد قال المصطفى صلى اللّه عليه وسلم حب الدنيا رأس كل خطيئة ولو لم يحب الناس الدنيا هلك العالم وبطل المعاش إلا أنه علم أن حب الدنيا مهلك وإن ذكر كونه مهلكاً لا ينزع الحب من قلب الأكثر إلا الأقلين الذي لا تخرب الدنيا بتركهم فلم يترك النصح وذكر ما في حب الدنيا من الخطر ولم يترك ذكره خوفاً من أن يترك ثقة بالشهوات المهلكة التي سلطها اللّه على عباده ليسوقهم بها إلى جهنم تصديقاً لقوله أخذ بعضهم من الحديث أنه ينبغي أن [ص 369] لا يؤخذ العلم إلا عن أقل الناس رغبة في الدنيا فإنه أنور قلباً وأقل إشكالات في الدين فكيف يؤخذ علم عمن جمع في قلبه رأس خطيئات الوجود كيف وذلك يمنع من دخول حضرة اللّه وحضرة رسوله فإن حضرته تعالى كلامه وحضرة رسوله كلامه ومن لم يتخلق بأخلاق صاحب الكلام لا يمكنه دخول حضرته ولو في صلاته إذ لا يفهم أحد عن أعلى صفة إلا أن صلح لمجالسته فمن زهد في الدنيا كما زهد فيها المصطفى صلى اللّه عليه وسلم فقد أهل لفهم كلامه ولو رغب فيها كغالب الفقهاء لا يؤهل لذلك ولا يفهم مراد الشارع إلا إن فسر له بكلام مغلق قلق ضيق كذا في إرشاد الطالبين قال: وسمعت نصرانياً يقول لفقيه: كيف يزعم علماؤكم أنهم ورثة نبيهم وهم يرغبون فيما زهد رهباننا قال: كيف قال: لأنهم يأخذون في إقامة شعار دينهم من تدريس وخطابة وإمامة ونحوها عرضاً من الدنيا ولو منعوه لعطلوها وجميع الرهبان يقومون بأمر ديننا مجاناً فانظر قوة يقين أصحابنا وضعف يقين أصحابكم فلو صدقوا ربهم أن ما عنده خير وأبقى لزهدوا في الدنيا كما زهد فيها نبيهم والرهبان وشكى بعضهم لعارف كثرة خواطر الشيطان فقال: طلق بنته يهجر زيارتك وهي الدنيا تريد أن يقطع رحمه لأجلك قال: هو يأتي لمن لا دنيا عنده قال: إن لم تكن عنده فهو خاطب لها ومن خطب بنت رجل فتح باب مودتّه وإن لم يدخل بها وكان الربيع بن خيثم يقول: أخرجوا حب الدنيا من قلوبكم يدخلها حب الآخرة. - (هب عن الحسن) البصري (مرسلاً) ثم قال أعني البيهقي ولا أصل له من حديث النبي صلى اللّه عليه وسلم قال الحافظ الزين العراقي: ومراسيل الحسن عندهم شبه الريح ومثل به في شرح الألفية للموضوع من كلام الحكماء وقال هو من كلام مالك بن دينار كما رواه ابن أبي الدنيا أو من كلام عيسى عليه السلام كما رواه البيهقي في الزهد وأبو نعيم في الحلية وعد ابن الجوزي الحديث في الموضوعات وتعقبه الحافظ ابن حجر بأن ابن المديني أثنى على مراسيل الحسن والإسناد إليه حسن وأورده الديلمي من حديث عليّ وبيض لسنده. 3663 - (حب الثناء من الناس يعمي ويصم) أي يعمي عن طريق الحق والرشد ويصم عن استماع الحق وإذا غلب الحب على القلب ولم يكن له رادع من عقل أو دين أصم عن العدل وأعمى عن الرشد. وقال: وعين الرضى عن كل عيب كليلة * ولكن عين السخط تبدي المساويا. - (فر عن ابن عباس) قال الحافظ العراقي: في سنده ضعيف وذلك لأن فيه حميد بن عبد الرحمن قال الخطيب: مجهول والفضل بن عيسى قال الذهبي: ضعفوه عن عباد بن منصور ضعف أيضاً وهذا الحديث رواه أيضاً البغوي والعسكري عن أبي الدرداء بلفظ حبك الشيء يعمي ويصم وعدّه العسكري من الأمثال. 3664 - (حب العرب إيمان وبغضهم نفاق) أي إذا أحبهم كان حبهم آية إيمانهم وإذا أبغضهم كان بغضهم علامة نفاقه لأن هذا الدين نشأ منهم وكان قيامه بسيوفهم وهممهم والظاهر من حال من أبغضهم أنه إنما أبغضهم لذلك وهو كفر ومن أمثالهم فرقك بين الرطب والفحم هو الفرق بين العرب والعجم. - (ك) في المناقب من حديث مغفل بن مالك عن الهيثم بن حماد عن ثابت (عن أنس) قال الحاكم: صحيح ورده الذهبي بأن الهيثمي متروك ومعقل مضعف. 3665 - (حب أبي بكر) الصديق (وعمر) الفاروق (إيمان وبغضهما نفاق) أي نوع منه على ما تقرّر فيما قبله وهذا من مفاخرهما الشريفة ومناقبهما المنيفة قال ابن تيمية: وإذا كان بغضهم نوع نفاق فمقتضاه أن حبهم نوع إيمان. - (عد عن أنس) بن مالك وفيه حازم بن الحسين قال في الميزان عن أبي داود روى مناكير وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه ثم ساق له هذا الخبر. [ص 370] 3666 - (حب قريش إيمان وبغضهم كفر وحب العرب إيمان وبغضهم كفر فمن أحب العرب فقد أحبني ومن أبغض العرب فقد أبغضني) لأن من علامة صدق الحب حب كل ما ينسب إلى المحبوب فإن من يحب إنساناً يحب كلب محلته فالمحبة إذا قويت تعدّت من المحبوب إلى كل ما يكتنف بالمحبوب ويحيط به ويتعلق بأسبابه ذلك وليس شركة في حب اللّه فإن من أحب رسول المحبوب لكونه رسوله وكلامه لكونه كلامه ومن ينتمي إليه لكونه من حزبه لم يجاوز حبه إلى غيره بل هو كمال حبه. - (طس عن أنس) قال الهيثمي: فيه الهيثم بن حماد وهو متروك ورواه عن أنس أيضاً الحاكم وقال: حسن صحيح واعترض بأن فيه عنده الهيثم المذكور قال الزين العراقي في القرب: لكن له شاهد من حديث ابن عمر في المعجم الكبير للطبراني. 3667 - (حب الأنصار آية الإيمان) أي علامته (وبغض الأنصار آية النفاق) فإنهم آووا النبي صلى اللّه عليه وسلم وبذلوا الجهد في رفع منار الإسلام وجادوا بالأموال بل بالأنفس فمن أبغضهم من هذه الجهة فهو كافر حقيقة. - (ن عن أنس) بن مالك ورواه عنه أبو يعلى بلفظ حب الأنصار آية كل مؤمن وبغضهم آية كل منافق. 3668 - (حب أبي بكر وعمر من الإيمان وبغضهم كفر وحب العرب من الإيمان وبغضهم كفر وحب الأنصار من الإيمان وبغضهم كفر ومن سب أصحابي فعليه لعنة اللّه ومن حفظني فيهم فأنا أحفظه يوم القيامة) قال الحليمي: في هذا وما قبله تفضيل العرب على العجم فلا ينبغي لأحد إطلاق لسانه بتفضيل العجم على العرب بعد ما بعث اللّه أفضل رسله من العرب وأنزل آخر كتبه بلسان العرب فصار فرضاً على الناس أن يتعلموا لغة العرب ليعقلوا عن اللّه أمره ونهيه ومن أبغض العرب أو فضل العجم عليهم فقد آذى بذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لأنه أسمعه في قومه خلاف الجميل ومن آذاه فقد آذى اللّه ذكره الحليمي. - (ابن عساكر) في التاريخ (عن جابر) بن عبد اللّه ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجاً لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وإلا لما عدل عنه وهو غفلة فقد رواه أبو نعيم في الحلية والديلمي في الفردوس عن جابر باللفظ المزبور لكنهما قالا بدل قوله هنا فأنا إلخ فلا لعنه اللّه. 3669 - (حبب) بالبناء للمفعول (إلي من دنياكم) هذا لفظ الوارد ومن زاد كالزمخشري والقاضي لفظ ثلاث فقد وهم قال الحافظ العراقي في أماليه: لفظ ثلاث ليست في شيء من كتب الحديث وهي تفسد المعنى وقال الزركشي: لم يرد فيه لفظ ثلاثة وزيادتها مخلة للمعنى فإن الصلاة ليست من الدنيا وقال ابن حجر في تخريج الكشاف: لم يقع في شيء من طرقه وهي تفسد المعنى إذ لم يذكر بعدها إلا الطيب والنساء ثم إنه لم يضفها لنفسه فما قال أحب تحقيراً لأمرها لأنه أبغض الناس فيها لا لأنها ليست من دنياه بل من آخرته كما ظن إذ كل مباح دنيوي ينقلب طاعة بالنية فلم يبق لتخصيصه حينئذ وجه [ص 371] ولم يقل من هذه الدنيا لأن كل واحد منهم ناظر إليها وإن تفاوتوا فيه وأما هو فلم يلتفت إلا إلى ما ترتب عليه مهم ديني فحبب إليه (النساء) والإكثار منهن لنقل ما بطن من الشريعة مما يستحيا من ذكره من الرجال ولأجل كثرة سواد المسلمين ومباهاته بهم يوم القيامة (والطيب) لأنه حظ الروحانيين وهم الملائكة ولا غرض لهم في شيء من الدنيا سواه فكأنه يقول حبي لهاتين الخصلتين إنما هو لأجل غيري كما يوضحه قول الطيبي جيء بالفعل مجهولاً دلالة على أن ذلك لم يكن من جبلته وطبعه وإنما هو مجبول على هذا الحب رحمة للعباد ورفقاً بهم بخلاف الصلاة فإنها محبوبة له بذاتها ومنه قوله أرحنا يا بلال بالصلاة أي أشغلنا عما سواها بها فإنها تعب وكدح وإنما الاسترواح في الصلاة فأرحنا بالنداء بها فلذلك قال "وجعلت قرة عيني في الصلاة" ذات الركوع والسجود وخصها لكونها محل المناجاة ومعدن المصافاة وقيل المراد صلاة اللّه عليه وملائكته ومنع بأن السياق يأباه وقدم النساء للاهتمام بنشر الأحكام وتكثير سواد الإسلام وأردفه بالطيب لأنه من أعظم الدواعي لجماعهن المؤدي إلى تكثير التناسل في الإسلام مع حسنه بالذات وكونه كالقوت للملائكة الكرام وأفرد الصلاة بما يميزها عنهما بحسب المعنى إذ ليس فيها تقاضي شهوة نفسانية كما فيهما وإضافتها إلى الدنيا من حيث كونها ظرفاً للوقوع وقرة عينه فيها بمناجاته ربه ومن ثم خصها دون بقية أركان الدنيا هذا ما ذكره القاضي كغيره في بيان وجه الترتيب وقال بعضهم: لما كان القصد بسياق الحديث بيان ما أضافه النبي صلى اللّه عليه وسلم من متاع الدنيا بدأ بالنساء كما قال في الحديث الآخر ما أصبنا من دنياكم إلا النساء ولما كان الذي حبب إليه من متاع الدنيا هو أفضلها النساء بدليل خبر الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة ناسب أن يضم إليه بيان أفضل الأمور الدينية وهو الصلاة فالحديث على أسلوب البلاغة من جمعه بين أفضل أمور الدنيا وأفضل أمور الدين وفيه ضم الشيء إلى نظيره وعبر في أمر الدين بعبارة أبلغ مما عبر به اقتصر في أمر الدنيا على مجرد التحبب وقال في أمر الدين جعلت قرة عيني في الصلاة فإن في قرة العين من التعظيم ما لا يخفى قال الغزالي: جعل الصلاة من جملة ملاذ الدنيا لأن كل ما يدخل في الحس والمشاهدة فهو من عالم المشاهدة والشهادة وهو من الدنيا والتلذذ بتحريك الجوارح في السجود والركوع إنما يكون في الدنيا فلذلك أضافها للدنيا والعابد قد يأنس بعبادته فيستلذ بها بحيث لو منع منها لكان أعظم العقوبات عليه حتى قال بعضهم: ما أخاف من الموت إلا من حيث أنه يحول بيني وبين قيام الليل وقال آخر: اللّهم ارزقني قوة الصلاة في القبر.
|